القرآن و الحديث

من هو أول من جمع القرآن الكريم ؟

من هو أول من جمع القرآن الكريم ؟ وما هي الطريقة المُتبَعة في ذلك؟، ينبغي العلم بنزول القُرآن الكريم على مرحلتين، حيثُ كان نزوله في المرة الأولى في ليلة القدر مُتمثلة في جُملة واحدة.

من ثَمّ جاءت المرحلة الثانية عند نزوله مُتفرقّا من خلال جبريل عليه السلام على قلب رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- على مدار ثلاث وعشرين عام، وبعد وفاة الرسول وموت جماعة من حفظة القرآن خَشي جميع الصحابة من ضياع القُرآن وتحريفه لذلك أجمعوا على ضرورة حفظه مجموعًا.

أول من جمع القرآن الكريم

ذُكرت كلمة الجمع بمعنى: “الحفظ في الصدور مع دقة الترتيب” العديد من المرات في كتاب الله تعالى، وذلك مثل ذكرها في قوله تعالى: ” لا تُحرك به لسانك لِتعجَل به* إنّ علينا جمعه وقرآنه*

فإذا قرآناه فاتبع قُرآنه* ثُمّ إنّ علينا بيانه” وكان الله تعالي يُخاطب أنبيائه ورُسله صلوات الله والسلام عليهم جميعًا. الآن وقبل التعرُف على من هو أول من جمع القرآن الكريم في مُصحف واحد يكون من الجدير بالذكر القول بأنّ جمع القُرآن الكريم قد دام على ثلاثة مراحل مُختلفة، ويُمكن توضيح هذه المراحل من خلال السطور القادمة:

جُمع القرآن الكريم من فم الرسول

زادت نسبة الحُفاظ من صحابة الرسول عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم إلي عدد لا يُمكن حصره، وذلك من خلال عكوفهم واستمرارهم على حفظ القرآن غيبًا حتى قاموا بتبليغه إلي الذين جاءوا بعدهم، وكان ذلك التبليغ بطريقتين، وهُما:

من خلال التلقي الشفهي من كبار الصحابة وحُفاظهم الذين تعرفوا على كيفية نُطقه بصورة مُباشرة من الرسول من خلال الكتابة التي كان يوكّلها الرسول إلي أشخاص بعينهم، ويجب التنويه على أنّه لم ينتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى إلا وكان القرآن مكتوب كله في بيته

شاهد ايضاً : تجربتي مع دعاء ربي إني مغلوب فانتصر

جمع القرآن الكريم  في عهد أبي بكر الصديق

بعد أن أدرك أبو بكر مجموع شُهداء المُسلمين في الحرب التابعة لمُسيلمة الكذّاب أسرع إلي استشارة عُمر بن الخطاب رضي الله عنه حول جمع القرآن الكريم، وبالفعل تم جمعه من العظام والرقاع والسَّعف.

وذلك بعد إسناده إلي الصحابي الجليل زيد بن ثابت الأنصاري لكونه شابًا بعُمر الواحد والعشرين وأكثر تأهيلًا من غيره لهذه المُهمة، ولقد بقيت هذه الصحُف عند أبي بكر حال حياته حتى وافته المنيّة فبقيت عند عُمر ثُمّ عند حفصة بنت عُمر رضي الله عنهم جميعًا.

من الضروري العلم بقول صعصعة بن صوحان رحمه الله عن أبي بكر: “أول من جمع القرآن بين اللوحين، وورث الكلالة”، بالإضافة إلي قول علي بن أبي طالب:” يرحم الله أبا بكر، هو أول من جمع القرآن بين اللوحين”.

جمع القرآن في عهد عُثمان ذي النورين

ذُكر أنّ حُذيفة بن اليمان قدَمَ على عُثمان بن عفّان، وكان في ذلك الوقت يُغازي الشام في افتتاح أرمينية، وأذربيجان مع أهل العراق، وبعد أن رأى حُذيفة ذلك الأمر أصابه الفزع والرهبة خشية الاختلاف في كتاب الله تعالى، فقال لعُثمان: “يا أمير المؤمنين.

أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى”، ومن ثَمَّ أسرع عُثمان بالإرسال إلي حفصة لتأتي له بالصحف حتى يتم نسخها في المصاحف كون هذه الصحف مُستقرة عندها بعد وفاة سيدنا عُمر رضي الله عنه.

لقد قامت حفصة على الفور بإرسال الصحف ومن ثَمّ عهد عُثمان إلي زيد بن ثابت، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن الزبير.

وسعيد بن العاص رضي الله عنهم جميعًا بنسخها في المصاحف، وبعد ذلك توجّه عُثمان للرهط القرشيين الثلاثة لإخبارهم بأنّه عند اختلافهم مع زيد بن ثابت في شيء من القرآن أن يكتبوه بلسان قريش لكونه نزل بلسانهم.

بعد ذلك أعاد تلك الصُحف إلى حفصة حفاظًا على وعده اليها بإرجاعها، وجاء بعد ذلك مروان بن الحكم يطلب منها استعارتهم إلا أنها رفضت، وبقيت تلك الصحف معها إلي أن وافتها المنية، ثُمّ تعرضت تلك الصحف للحرق.

من ثَمَّ قام عُثمان بجمع المُهاجرين والأنصار لمشاورتهم في هذا الشأن، وكان منهم أعلام الأئمة وعُلماء الصحابة، وأعيان الأمُة، وكان في وجهتهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

لم يتوقف عُثمان عند هذا الحد بل قام بعرض هذا الأمر على خيرة الأمة وقادتها الهاديين وتمت المُناقشة بينهم على أكمل وجه، ومن ثَمَّ أجابوه إلي رأيه بكُل صراحة وصدق، فلم يجد من بينهم مُخالف ولا نكير لرأيه.

طريقة جمع القرآن في عهد أبي بكر

في نطاق حديثنا عن من هو أول من جمع القرآن الكريم تبيّن أن هذا الجمع مر بعدة مراحل، ولكن كان الجمع الفعلي في مُصحف واحد يُنسب إلي الصدّيق وهو عبد الله بن عُثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.

ووفقًا لذلك ينبغي العلم بالطريقة المُتبعة في جمع القرآن في عهد أبي بكر حيثُ أنّ قام الصدّيق بتبليغ عُمر بن الخطاب وزيد بن ثابت بشأن جمع القرآن الكريم.

كان الاعتماد في ذلك على ما تمّ كتابته من القرآن في حضرة النبي- صلّى الله عليه وسّلم-، ولكن على الرغم من ذلك لم يتم القبول بهذا الأمر بصورة فورية إلّا بعد التيقُن من إتمام الحفظ عن ظهر قلب، من ثَمّ إن كتب أحد من الصحابة شيء من القرآن كان يتوجب عليه إحضار شاهد إثبات على كون كتابته تلك كانت أمام النبي أو سمعه وأقرّه عليه.

لجنة جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق

استكمالًا لحديثنا عن من هو أول من جمع القرآن الكريم يتوجب العلم باللجنة التي تم تأسيسها في عهد أبي بكر والتي كانت مُتمثلة في عدد من الصحابة وكُتّاب الوحي، والتي كان يرأُسها زيد بن ثابت لتحليه بالعديد من الصفات التي كانت أسهمت في تأهيله لهذه المُهمة

حيثُ أنّه شهد آخر عرض للقرآن على النبي صلوات الله وسلامه عليه، بالإضافة لكونه من كُتّاب الوحي في عهد النبي، وبالفعل تم التأكد من حُسن اختياره لهذه المُهمة بعد أن لقيت الصحف التي قام بجمعها اهتمام فائق من قِبَل الصحابة.

مُميزات جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق

بعد إتمام الحديث حول من هو أول من جمع القرآن الكريم يجدُر بنا التعرُض لذكر المُميزات المُتعلقة بجمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر، والتي يُمكن إيضاحها من خلال السطور القادمة:

  • المُحافظة على القرآن الكريم من الضياع والتحريف.
  • إتمام جمع ما لم تُنسخ تلاوته، بالإضافة إلي تجريد الآيات من كل ما لم يكُن من القرآن الكريم.
  • اتسام الجمع باكتماله ودقته وذلك لاحتواء القرآن الكريم على الأحرف السبعة التي تنزل بها القرآن الكريم مُرتب بالآيات والسُّور في مُصحف واحد.
  • تواتر الصُحف حيثُ أنه قم تم روايتها من قِبَل عدد لا يُحصى من الصحابة وغيرهم والذي لا يُمكن اجتماعهم على الكذب.
  • موافقة الصُحف المجموعة لما جاء في العرض الأخير للقرآن الكريم من الني- صلّى الله عليه وسّلم-.
  • جُمعت كل سورة من الصُحف في كتاب واحد وهو القرآن الكريم المتواجد بين أيدينا الآن، وذلك بعد أن كانت كل سورة في كتاب بمُفردها.

شاهد ايضاً : سبب الجاثوم في الإسلام

في نهاية حديثنا عن من هو أول من جمع القرآن الكريم يقتضي بنا العلم بأن القرآن الكريم تنزل على سائر العالمين بهدف واضح وهو إخراج الناس من ظُلمات الكُفر والرِدة إلى نور الإيمان والإسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى