الإسلام

هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة ؟ وهل يجوز الترحُم عليه

هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة؟ وهل يجوز الترحُم والصلاة عليه؟، يتم تعريف الشهيد بأنه الشخص الذي يموت فداء الإسلام بهدف الدفاع عنه، مع العلم بوجود سُبل كثيرة للاستشهاد، فهُناك شهيد للغرق، وشهيد للدفاع عن المال والعرض وغيره، ومن الجدير بالذكر أنّه في الآونة الأخيرة -وخاصة في الفترة التي سادت فيها حالات القتل للمسيحيين في الدول الخاصة بالمُسلمين عن طريق اليهود وغيرهم- كثُرت الأسئلة حول مصير المسيحي الذي يتم قتله ويُراق دمه هدرًا، هل سيدخل الجنة بسبب استشهاده؟ أم سيكون مصيره المحتوم إلي النار؟

هل المسيحي إذا استشهد يدخل الجنة

المسيحيون هُم أهل الكتاب، ولقد تم الحديث عنهم في الكثير من الآيات في القرآن الكريم، ومن الجدير بالذكر أن الشهادة لها مكانة عالية لا يصل إليها إلا أهل الإيمان والإسلام.

وأما المسيحي الذي تم تبليغه بالشريعة الإسلامية الغرّاء ولم يؤمن بها ولا برسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-  يُعد من الكافرين المُستحقين لنار جُهنم، وذلك ينطبق على كُل من لم يؤمن بالله ورسوله كاليهودي والبوذي والملاحدة وغيرهم.

يُعتبر النصارى والمُطلق عليهم لفظ (المسيحيين) من الكُفّار، وذلك لتكذيبهم برسالة نبي الله مُحمد، بالإضافة إلي قولهم بأن عيسى عليه السلام هو الله أو ابن الله والعياذ بالله، ويُمكننا من خلال السطور القادمة الإشارة إلي الحُكم حول هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة أم لا:

من الجدير بالذكر القول بأن المسيحي لا يُمكن أن يُطلق عليه لفظ الشهيد، ولا يتسنى له دخول الجنة، وهذا له دلالة على رفعة منزلة الشهادة، وكذلك رفعة من ينالها من المُسلمين، وأمّا بالنسبة للمسيحي فلن يتمكن من الحصول على منزلة الشُهداء من ناحية دخول الجنة لكونه لم يؤمن برسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- بعد وصول الدعوة الإسلامية إليه، ولقد قال الله تعالى في هذا الشأن

“قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ”. سورة التوبة – الآية 29

بالإضافة إلي ضرورة العلم بعدم دخول المسيحي للجنة حتى بعد موته شهيدًا، وذلك لأنه قام بتكذيب النبي –صلّى الله عليه وسلّم-، وآمن بأن النبي عيسى عليه السلام هو ابن الله عزّ وجل، وهذا لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وفقَا لِمَا ذُكر في كتاب الله تعالى:

” قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ”. سورة الإخلاص

اتفق العُلماء بعد مُراجعة الأدلة الشرعية من الكتاب والسُنة على تكفير المسيحي، وحتى إن مات بأحد أسباب الشهادة فلن يتسنى له الحصول عليها، وذلك لوجود شروط مُعينة لنيل هذه المرتبة الرفيعة، والتي من أهمها الإيمان بالله سبحانه وتعالى وبالرُسل أجمعين.

لا يفوتك أيضًا: حُكم الاحتفال باليوم الوطني هيئة كبار العُلماء

أدلة شرعية على أن المسيحي يدخل النار

في نطاق حديثنا حول هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة توجّب علينا ذكر أهم الأدلة الشرعية التي نصّت على كون الميت على غير دين الرسول –صلّى الله عليه وسلّم- في النار كمصير محتوم، ومن أهم تلك الأدلة:

ما ورد عن الله تعالى في كتابه الكريم: “لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار”. سورة المائدة – الآية 72

بالإضافة إلي قوله تعالى: ” لقد كفر الذين قالوا إنّ اللّه ثالثُ ثلاثة وما من إلهٍ إلّا إلهٌ واحدٌ وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليم”. [ المائدة: 73]

ما صح عن أبي هُريرة رضي الله عنه من قوله أن الرسول –صلّى الله عليه وسلّم- قال: “والذي نفسُ مُحمد بيده، لا يسمعُ بي احدٌ من هذه الأُمة يهوديٌ، ولا نصرانيٌ، ثُمّ يموتُ ولَم يؤمن بالذي أرسلتُ به، إلّا كان من أصحاب النار”. 

لا يفوتك أيضًا: ما هو حُكم الشرك في الألوهية

هل يجوز الترحم على المسيحي الشهيد

استكمالًا لحديثنا حول هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة، ينبغي علينا التطرُق للحُكم في جواز الترحُم على المسيحي، وهو كالآتي:

  • اتفق جميع العُلماء على عدم إجازة الترحم على المسيحين ولا اليهود وغيرهم من الأشخاص الذي قاموا باعتناق ديانة غير الإسلام، ولم يُسلّموا بالدعوة التي حملها رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- إلينا.
  • يُمكننا الاستشهاد على هذا الأمر من قول الله تعالى في كتابه الكريم:

“مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”. سورة التوبة – الآية 113

من الجدير بالذكر التطرُق إلي قول الشيخ عبد العزيز الباز حول هذا الأمر، حيثُ قال أنه إذا مات أحد من اليهود أو النصارى وغيرهم الغير مُعتنقين للدين الإسلامي فلا يتم الدعاء لهم ولا الترحُم عليهم أو الاستغفار لهم، وذلك وفقًا لقول الله تعالى في كتابه الكريم:

” مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”. سورة التوبة – الآية 113

حُكم الصلاة على الكافر

من الضروري العلم بحُكم الصلاة على الكافر من خلال حديثنا حول هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة، وذلك على النحو التالي:

لا يجوز الصلاة على الكافر، ولقد نص الله عزّ وجل على تحريمها في العديد من الآيات في كتابه الكريم، حيثُ أن الصلاة تُساعد على غُفران الذنوب للشخص الميت، لكن الكافر فلن يتم الغُفران له، ومن الأدلة الواردة بشأن هذا الأمر:

قول الله تعالى: ” وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ”. سورة التوبة – الآية 84

بالإضافة إلي قوله تأكيدًا على هذا الحُكم: ” اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ”. سورة التوبة – الآية 80

كذلك قوله تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ”. سورة النساء – الآية 48

في خِتام حديثنا حول هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة يتوجب العلم بأنه إذا قام أحد من غير المُسلمين بمُشاركتهم في حماية بلاد المُسلمين والدفاع عن أراضيها بدون مُقابل، فإنه يتعين في ذلك الحين شُكرهم وتقديم المُكافأة لهم.

زر الذهاب إلى الأعلى