فتاوي ومعلومات

هل يجوز تفسير الاحلام وما حكم تفسيرها بدون علم

انشغل الناس مؤخرًا بالأحلام وتفسيرها، واتخذها البعض ضرورة لاتخاذ قراراتهم، وتسيير أمورهم، فرغِبوا في تفسيرها والعلم بمدلولاتها، وكان المفسرون لتلك الرؤى قسمان.. بعضهم يفسر عن علم وفهم، وآخرون يرددون ما قاموا بقراءته في كتب المفسرين.. فهل يجوز تفسير الأحلام؟

يختلف حكم تفسير الأحلام بناءً على حال المفسر، حيث فّرق العلماء بين الذي يفسر عن علم، والجاهل الذي لا علم له بالتأويل، بيانهما كالتالي:

1- هل يجوز تفسير الاحلام بعلم ؟

بين جمهور الفقهاء أنه يجوز تفسير الأحلام لمن كان له علم بها، كما أجازوا قراءة كتب التفسير، فقد كتب فيها العديد من فقهاء الأمة كابن سيرين والنابلسي وغيرهم.

كما أن هذه الكتب يستفيد منها دارس العلم، إلا أنه لا يعتمد على هذه الكتب، بل يتم الأخذ بالأدلة والبراهين.

فينظر المفسر إلى القرائن، فإذا تلبس عليه الأمر، فيجب عليه عدم الجزم، وفي حالة رؤية أمر طيب، عليه أن يحمد الله عليها، وإذا رأى ما يكره فإن هذا الحلم يكون من الشيطان، وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث:

“إذا رَأَى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يُحِبُّها، فإنَّها مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها، وإذا رَأَى غيرَ ذلكَ ممَّا يَكْرَهُ، فإنَّما هي مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِن شَرِّها، ولا يَذْكُرْها لأحَدٍ، فإنَّها لَنْ تَضُرَّهُ.” الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 7045 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

هل يجوز تفسير الاحلام وما حكم تفسيرها بدون علم

لا يفوتك أيضًا: هل يجوز الترحم على أهل الكتاب وما هو حكم الترحم على غير المسلمين ؟

2- هل يجوز تفسير الاحلام بدون علم ؟

أوضح العلماء أنه لا يجوز تفسير الأحلام دون علم بها، حيث إن التفسير يعد بمثابة الفتوى، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:

يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ” [ يوسف: 43] فقول” إن كنتم للرؤيا تعبرون: أي تفسرون، فكان شرط التفسير العلم، والفهم.

بناءً على ذلك.. فإنه لا يجوز تفسير الأحلام بمجرد النظر في كتب التفسير مع الجهل بأصول التعبير، فهذا حرام، ذلك أن الرؤى تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وكذا الزمان، وتفاوتها من شخص لآخر دليل على عدم جواز التفسير بمجرد القراءة دون علم.

كما يرى الشيخ بن عثيمين رحمه الله بأنه لا يجب على المرء التعلق بالأحلام أو أن يلقي لها بالًا، خصوصًا أنه لو اهتم بها لحزن بها واغتم بسببها، يستغلها الشيطان كمدخل ليزعجه ويؤرق نومه.

لا يفوتك أيضًا: هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة ؟ وهل يجوز الترحُم عليه

هل يجوز تفسير الاحلام بأُجر

وفقًا لجمهور الفقهاء.. فإنه لا يجوز تقاضي المال مقابل تفسير الأحلام، خصوصًا وأن مَلكة تفسير الأحلام هي هبة من الله عز وجل، فلا يجوز أخذ مقابل لها، وذلك لعدة أمور:

  • تفسير الأحلام يعد منفعة غير منضبطة، حيث إن الأجر يكون مقابلًا لعمل قد تم وله منفعة مقصودة ومعروفة، وذلك أشبه بالقضاء، فكما لا يجوز أخذ الأجر على القضاء، لا يجوز على التفسير.
  • قياسًا على الفتوى، وقد أجمع جمهور العلماء على أنه لا يجوز للمفتي أن يأخذ أجرًا مقابل فتواه، وذلك سواء كانت الفتوى على فرض كفاية أو عين، فكذلك التفسير.

جاء في الموسوعة الفقهية: “

وَأَمَّا الأْجْرَةُ، فَلاَ يَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْ أَعْيَانِ الْمُسْتَفْتِينَ عَلَى الأْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، قَال الْحَنَابِلَةُ: لأِنَّ الْفُتْيَا عَمَلٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْقُرْبَةِ، وَلأِنَّهُ مَنْصِبُ تَبْلِيغٍ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلاَ تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ…

كَمَا لَوْ قَال لَهُ: لاَ أُعَلِّمُكَ الإْسْلاَمَ أَوِ الْوُضُوءَ أَوِ الصَّلاَةَ إِلاَّ بِأُجْرَةٍ، قَالُوا: فَهَذَا حَرَامٌ قَطْعًا، وَعَلَيْهِ رَدُّ الْعِوَضِ، وَلاَ يَمْلِكُهُ، قَالُوا: وَيَلْزَمُهُ الإْجَابَةُ مَجَّانًا لِلَّهِ بِلَفْظِهِ أَوْ خَطِّهِ إِنْ طَلَبَ الْمُسْتَفْتِي الْجَوَابَ كِتَابَةً، لَكِنْ لاَ يَلْزَمُهُ الْوَرَقُ وَالْحِبْرُ”

  • كما أنه لا يجوز مقارنة أجر التفسير بأجر الرقية؛ لأن الرقية تكون من باب العلاج والتطيب، وهذا يجوز أخذ الأجر فيه بالاتفاق بين الطرفين، بينما لا يجوز في تفسير الرؤى.

إلا أن بعض الفقهاء يقولون بجواز أخذ الأجرة، فقالوا: “

بِخِلَافِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَكِتَابَةِ الْمُصْحَفِ، وَالْفِقْهِ وَتَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ، وَالنُّجُومِ [أي علم معرفة دلالات النجوم على الجهات والأوقات]، وَالطِّبِّ، وَالتَّعْبِيرِ، وَالْعُلُومِ الْأَدَبِيَّةِ، فَإِنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ فِي الْجَمِيعِ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ”

بينما يقول الجمهور بأن هذا الاستدلال غير دقيق ولا واضح، خصوصًا وأن المقصود هو تعليم علم التعبير لا تعبير الرؤى، حيث إنه قد ربطه بتعليم الفقه والكتابة والعلوم الأدبية والطب.

لا يفوتك أيضًا: هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد

أنواع الأحلام 

هل يجوز تفسير الاحلام وما حكم تفسيرها بدون علم

الأحلام والرؤى ثلاث أنواع، إما حديث نفس، أو رؤيا صالحة، أو رؤيا من الشيطان.

1- ما كان من الشيطان

في هذا النوع يرى الإنسان كل ما يعكر عليه صفو يومه ويصيبه بالهم والغم، وهذا نظرًا لكون الشيطان يسعى إلى إحزان المرء وإدخال الحزن على قلبه.

يقول الله تعالى:

إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ“[ سورة المجادلة: 10]

فالشيطان يحاول بكد كي يحزن العبد ويصيبه باليأس في محاولة منه لإبعاده عن عباداته وطريق الله.

2- حديث النفس

هو رؤية المرء لما يحدث به نفسه دائمًا، أي أنه يري ما يحلم به ويتمناه ويهتم لأمره، فيراه في منامه، وهذا تأثير العقل الباطن.

3- الرؤيا الصادقة

تكون رؤيا ذات أصل، فتخلو من الفزع والغم والخوف، فهي هادئة، وقد تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم في مختلف أحاديثه.

دل على تلك الأنواع الثلاث قول النبي صلى الله عليه وسلم:

” الرؤيا ثلاثةٌ: منها تهاويلٌ منَ الشيطانِ لِيَحْزُنَ ابنَ آدمَ ومنها ما يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ في يقظتِهِ فِيِراهُ في منامِهِ، ومنها جزءٌ مِنْ ستةٍ وأربعينَ جزءًا مِنَ النبوةِ.” الراوي: عوف بن مالك الأشجعي | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم: 3534 | خلاصة حكم المحدث: صحيح.

من رحمة الشريعة الإسلامية هو التوسعة والتيسير في كافة الضوابط والأحكام، تقضي دومًا بما فيه صلاح العبد في الدنيا والآخرة.

Back to top button