من أول من سل سيف في سبيل الله ؟ الزُّبَيْرُ بن العَوَّام الأسدي القرشي ، والذي يعد أحد أبرز الصحابة الذين شهدوا معظم فترات تأسيس الإسلام وتطويره، والذي كانت حياته مليئة بالمغامرات والأحداث الدرامية التي حفرت اسمه في تاريخ الإسلام.
وُلد الزُّبَيْر في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية بعدة سنوات، وقد كان له دورٌ بارز في تأسيس الجيش الإسلامي وفي العديد من المعارك الشهيرة، كما كان من أوائل المهاجرين إلى الحبشة.
من خلال ما هو قادم من سطور الموضوع أدناه، سوف نتناول بالتفصيل حياة هذا الصحابي الجليل وما قدمه من إسهاماتٍ عظيمة في تاريخ الإسلام.
سيرة الزبير بن العوام أول من سل سيف في سبيل الله
- تعد شخصية الزبير بن العوام -رضي الله عنه- من الشخصيات الهامة في التاريخ الإسلامي، فقد كان من أوائل المسلمين الذين أسلموا وكان من العشرة المبشرين بالجنة.
- ورغم أن حياته مليئة بالأحداث والتحولات، إلا أنها تشهد على شخصية فذة وقوية.
- قد تربَّى في دار الأرقم ونشأ في أجواء إيمانية، كما تميَّز بمواقفه المبكِّرة التي تنمُّ عن شخصيته الفذَّة والجريئة، حيث ذهب في يومٍ شاهرًا سيفه ليتأكَّد من خبر مقتل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسط تصديقه الكامل بقدرة الله وحكمته.
- وبهذا العمل الجريء، يُظهِر الزبير بن العوام -رضي الله عنه- تميُّزَ شخصيته الفذَّة وشجاعته اللافتة.
قوة الزبير بن العوام: جهاد لا مثيل له !
تألق الزبير بن العوام في الجهاد والبطولة، فكلما شارك في معركة، كان له دور محوري في نصر المسلمين، ومن بين ذلك – على سبيل المثال لا الحصر – ما يأتي ذكره أدناه:-
غزوة أُحد
- بعد غزوة أُحد، تلقى الزبير -رضي الله عنه- مهمةً من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر بقيادة كتيبة من سبعين رجلاً لملاحقة جيش قريش المنتصر.
- استطاع الزبير ورفاقه إظهار قوتهم وعزيمتهم، ما أجبر جيش المشركين على الهروب إلى مكة، ولم يفقد المسلمون قوتهم بفضل جهود الزبير.
معركة اليرموك
- في معركة اليرموك، وجد الزبير بن العوام المسلمين في حالةٍ من الوهن، وبدلاً من الانسحاب، هتف بتكبيرات الله وهاجم الأعداء بكل قوته.
- اخترق صفوف الأعداء وأعاد الروح والحماسة إلى المسلمين الذين تعززت معنوياتهم بفضل شجاعة الزبير.
فتح مصر
- في فتح مصر، كان الزبير بن العوام واحدًا من الثلاثة الذين اختارهم عمرو بن العاص للمشاركة في الحملة العسكرية.
- ولم يخيب الزبير ظن الخليفة عمر بن الخطاب، حيث قاد رفاقه وأظهر شجاعته في المقدمة، وأسهم في نصر المسلمين في هذه المعركة الهامة .
الزبير بن العوام: تبشير بالشهادة
ذكر الإمام مسلم في صحيحه: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ علَى جَبَلِ حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اسْكُنْ حِرَاءُ فَما عَلَيْكَ إلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ وَعليه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ).
من زوجة الزبير بن العوام ؟
كانت أسماء بنت أبي بكر شريكة حياة الزبير بن العوام، إذ كانت تحمل على عاتقها مسؤولية العناية بفرسه و نواضحه، فضلاً عن الطهي والعجن وسقي الماء.
ورغم قلة ممتلكات الزبير، إلا أن حبها له وإكباره لم ينقص بأي حال من الأحوال. وفي إحدى المرات، وهي تحمل النوى، التقت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ونفر من الصحابة، ولم تتردد في الإجابة على دعوته لـ المشي معهم، على الرغم من الصعوبات التي قد تواجهها، فهي كانت تعرف قدر غيرة زوجها وتسعى جاهدة لـ إرضائه.
وفي سياق ذلك، قالت في رواية البخاري:
“اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى، وَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ مَعَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي”
قد يهمك أيضًا: دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول (ص)
كيف مات الزبير بن العوام ؟
في معركة الجَمل، تحوّلت مواجهة بين الإخوة في الإيمان إلى صراع مميت !
وفي أحد المُجريات الدموية، نادى عليّ على الزبير، ومن ثم حذَّره بـ حديثٍ لـ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يشير إلى أنّهما سوف يتقاتلان وسوف يكون الزبير ظالماً لـ عليٍ فيها.
وبينما كانت الجموع تترقبُ النتيجة المؤلمة، فاجأ الزبير الجميع بـ إجابته المفاجئة:-
“نعم ولم أذكره إلا في موقفي هذا”.
ومن ثم، غادر المعركة بعيداً عن الفتنة، واستشهد أثناء مغادرته، موثّقاً بـ ذلك تضحيته لـ السلام والعدل.
قد يهمك أيضًا: كم أسبوع في السنة الهجرية وكم يوم في العام الهجري
في ختام هذا الموضوع، يجب أن نقر بـ أنه مهما الحديث عن الزبير بن العوام، لن نوفيه حقه ! الرجل الشجاع الذي ترك بصمة لا تنسى في تاريخ الإسلام.
كانت حياته مليئة بالأحداث والمغامرات والبطولات، ولقد ترك أثراً كبيراً في نفوس المسلمين حتى يومنا هذا، وكانت مواقفه الشجاعة الحريصة على الحق والعدالة تشكل نموذجاً يحتذى به حتى الآن.
لذلك، فإن الزُّبَيْرُ بن العَوَّام الأسدي القرشي أول من سل سيف في سبيل الله سيظل رمزاً للشجاعة والنزاهة والتضحية، وسيبقى محفوراً في ذاكرة المسلمين إلى الأبد.
