فتاوي ومعلومات

لماذا نذبح في عيد الأضحى ؟ وما هو الغرض من ذبح الأضحية

يرتبط عيد الأضحى لدى المسلمين بذكرى سيدنا إبراهيم مع ابنه سيدنا إسماعيل وما جائه في الرؤيا أنه يذبح ابنه، وحينما قرر الامتثال لأمر الله تعالى كافأه الله بالإعفاء عنه وذبح أضحية بدلًا عن الابن الحبيب، لكن ما الدروس المستفادة وراء أمر الذبح، والحكمة التي على المسلمين التدبر فيها، وما يناله المؤمن من جزاء وثواب.

معنى الأضحية هي من الأضاحي، وما يُذبح من بهيمة الأنعام في يوم الأضحى.
الغرض من ذبح الأضحية التقرب لله سبحانه وتعالى.
حكم الأضحية سنة مؤكدة، ورأي آخر يرى أنها واجبة.

الحكمة من الذبح في عيد الأضحى

الأضحية معناها في اللغة هي ما يذبحه المسلمون في عيد الأضحى من الشاه والأنعام، جمعها أضاحي، وشرعًا هي كل ما يذبحه المسلم في عيد الأضحى إلى آخر أيام التشريق، لأجل التقرب لله، وهي مشروعة بالإجماع، حيث تتجلى منها حكم سامية على كل مسلم الإلمام بها:

  • الشكر والامتنان لله تعالى على نعمة الحياة والمال.
  • التعبد والتقرب لله تعالى، كما الاستجابة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وجاء في القرآن الكريم قول الله:

“لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”.

  • يأتي الذبح أفضل من التصدق بثمن الأضحية، ويجب العلم أن كلما كانت أسمن وأغلى كان الثواب أكبر، لذا كان الصحابة يسمنون الأضاحي، فجاء في صحيح البخاري

“كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون”.

  • هي وسيلة هامة للتوسعة على أهل البيت وعلى النفس، فمنها يتم إكرام الجار والضيف، مساعدة الفقراء والمحتاجين، مما يبعث الفرح والسرور على الإنسان وتعزيز روابط التآخي والتآزر.
  • إحياء قيمة الصبر والامتثال لأوامر الله تعالى، فأثناء التضحية يتذكر المسلم ثبات وتضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام حينما أمره الله بذبح ابنه إسماعيل، وحينما قرر تصديق رؤيته طاعة لله رغم صعوبة الأمر إن ثباته وإيمانه وصبره واحتسابه لله كان الكفة الأعلى.

لماذا نذبح في عيد الأضحى

حكم الأضحية

في إطار سرد الإجابة عن لماذا نذبح في عيد الأضحى، والحكمة من الذبح والأضحية، فلقد جاء عن آراء الفقهاء رأيان، كما هو واضح:

  • الرأي الأول “سنة مؤكدة”: وهو الرأي الذي أيده جمهور الفقهاء، واستدلوا به بما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

“إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا”، حيث فسروا قول “إذا أراد أحدكم” يحمل على الإرادة، مع العلم أن الواجبات لا تعلق على إرادة أو رغبة المسلم. الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الطحاوي | المصدر : شرح مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 14/131 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (1977) باختلاف يسير [/ref]

  • الرأي الثاني “واجبة”: وقد ذهب الحنفية إلى هذا الرأي مستدلين بالآية الكريمة “فصل لربك وانحر”، على أساس تفسيرها بأمر يفيد الوجوب.

اطلع على: ما هي السورة التي ذكر فيها صلاة العيد والأضحية

الأدلة القرآنية على أضحية العيد وتفسيرها

لقد ذُكرت الأضحية في عدة مواضع بالقرآن الكريم، نظرًا لفضلها وأهميتها البالغة على المسلمين ومبادئ العالم الإسلامي بشكل عام، ومما جاء عنها في الذكر الحكيم:

“وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”الحج (36)

البدن يقصد بها البقر والإبل.
من شعائر الله من أعلام دينه.
لكم فيها خير أي النفع في الدنيا، والأجر في الآخر.
فاذكروا اسم الله عند نحرها قول الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر.
صواف أي معقولة اليد اليسرى.
وجبت جنوبها أي سقطت على الأرض.
أطعموا القانع هو الذي يسألك.
المعتز الذي لا يسأل.

“فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ” الصافات (102)

“إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر”، فالصلاة هنا صلاة العيد، والنحر هو ذبح الأضحية خالصة لله تعالى وحده لا شريك له.

لماذا نذبح في عيد الأضحى

أدلة السنة النبوية على الأضحية

لقد ثبتت الأضحية عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قولًا وفعلًا، وطالما ثبت هذا فهو أمر لا جدال فيه، حتى إن لم يكن من الأحكام التي ذكرت في القرآن الكريم بشكل مُفصل، فمجرد ثبوتها عن النبي صارت إلزامًا على المسلمين، وجاء من الأحاديث ما يُدلل على ذبح الأضحية وشعائرها:

  • ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي، وقال لها:

“يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : العيني | المصدر : نخب الافكار | الصفحة أو الرقم : 12/535 | خلاصة حكم المحدث : [له] طريقان صحيحان 

  • وجاء عن أم سلمة ري الله عنها، قوله صلى الله عليه وسلم “إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا”، وجدير بالذكر أنها من آداب الأضحية الواجب الالتزام بها.
  • ذكرها النبي على أنها من أفضل الأعمال التي يقوم المسلمين بها في يوم العيد، حيث جاء عنه صلى الله عليه وسلم:

“ما عمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللَّهِ من إهراقِ الدَّمِ” مع العلم أن السنة ذبحها بعد أداء الصلاة، والذبح قبل الصلاة لا يعتبر أضحية.

إن الذبح في العيد الأضحي لمن أعظم الشعائر التي شرعها الله للمسلمين، يهدف من ورائها فضلٍ وأثر عظيم في الدنيا ويلحق بالمؤمن في الآخرة، فما كان لوجه الله وحده دام واتصل.

زر الذهاب إلى الأعلى