قد أوحى الله عز وجل إلى سيدنا نوح عليه السلام، بأن يأخذ زوج من كل الكائنات، ويصعد بها إلى السفينة، من أجل بدأ حياة جديدة يعبدون فيها الله عز وجل وحده لا يشركون به شيء، بعد أن ينتهي الطوفان، قد يجهل البعض معرفة ما اسم الجبل الذي رست عليه سفينة نوح ليبدأ من هذا المكان العالم الجديد.
الجبل الذي رست عليه سفينة نوح
قد كان قوم سيدنا نوح عليه السلام قبل الطوفان أهل شرك ومعصية، وظل النبي الكريم يدعوهم مئات السنين لتوحيد الله عز وجل، وبعد أن طال صبره، أوحى الله إليه بناء السفينة التي رست على جبل الجودي الشهير، الذي يسمى اليوم حمرين.
وهو من المعالم التاريخية العظيمة في دولة تركيا، وقد تم اكتشافه على يد الرحالة الأمريكيين رون واين وديفيد فاسولد عام 1959 م.
ولكن ما الذي جعل العلماء يظنون أنه هو نفس الجبل التي رست عليه سفينة سيدنا نوح، فقد استندوا على بعض الحقائق مثل:
- وجود بعض البقايا من الخشبية على قمة الجبل، حيث أنه من غير الطبيعي أن يكون هذا مكان سفينة حيث أدركها الأوائل، بخلاف أن الطوفان هو الذي جعلها تستقر فوق قمة الجبل.
- قد ذكر في الكتاب المقدس اسم الجبل تحت مسمى أزورات وهو يقع في حدود تركيا وأرمينيا وإيران.
- ترجع بعض الأقوال التاريخية عن أن الجبل يقع في الجزيرة العربية، كما ورد عن الأصفهاني، حيث قال إنه يقع في قبيلة طيء.
- وهناك رأي آخر يقول أنه من ضمن سلاسل جبلية موجودة في شرق جزيرة بن عمر ويطلق عليها جبال كاردين بشرق وادي دجلة.
- بينما ذكر في كتاب التوراة ذكر جبل سيدنا نوح بأنه يقع في أرمنستان ويسمى ماسياس من ضمن جبال أرارات.
المسميات التي أطلقت على جبل الجودي
الجبل له العديد من الأسماء التي وردت في الكتب السماوية وكتب التاريخ، كما حكي حين في مأثورات عددية، وكان يطلق عليه:
- جبل الجودي، وهي التسمية العربية التي ذكرت في القرآن الكريم:
- جبل سيدنا نوح، كما كان يعرف في الثقافة والتاريخ الإيراني نسبة إلى النبي الكريم.
- جبل كارو وهذا ما كان يطلقه عليه الأكراد.
- جبل الجودي، وهذا ما أطلق عليه اليونانيون.
العبرة والعظة من ذكر السفينة والجبل
ذكر فقط اسم الجودي في القرآن الكريم ولم يذكر الموقع بالتحديد، في الآية رقم 44 من سورة هود، ويقول النص القرآني بسم الله الرحمن الرحيم:
“وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الآية رقم 44 من سورة هود
دلالات وجود بقايا السفينة من أجل العبرة والعظة:
كان الطوفان عظيم، دمر وأهلك كل شيء، واختفت معه معالم حياة المدينة الظالمة، ليعود أهل السفينة إلى أرض جرداء ليس عليها نبات أو انسان، وكلهم يقين من أن غضب الله شديد، وأن إيمانهم بالله هو الذي عصمهم، ومن هنا العبرة، حيث قيل:
- عن قتادة، أن بقايا هيكل السفينة، ظل موجود على جبل الجودي، حتى شهده أوائل قوم المسلمين، وهذا من أجل بقاء العبرة والعظة باقية يتوارث من جيل إلى جيل.
- قول عبد بن حميد مستند إلى قول الله تعالى الآية رقم 15 في سورة القمر:
” وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ” الآية رقم 15 في سورة القمر”
- القصد للعبرة لمن يأتي من بعد.
- حدثنا السيوطي في كتابه الدر المنثور، في تفسير الآية ” وجعلناها آية للعالمين” بأن وجود بقايا السفينة مدة طويلة قبل تحولها لرماد كان للعبرة والعظة.
- ظلت ألواح السفينة فترة طويلة لتدركها أمة محمد، الأمة المختارة لدين الله الباقي ليوم القيامة، بينما هلكت الكثير من السفن واندثرت آثارها، فيقول ابن المنذر بن جريح في قوله تعالى” وجعلناها آية للعالمين” يقوم أمة محمد الباقية لنهاية الكون.
اطلع على: دعاء سيدنا زكريا عليه السلام مكتوب للحمل والإنجاب
نوح عليه السلام
اختار الله عز وجل سيدنا نوح لدعوة قومه الجبارين الطغاة، ولقد كان يتحلى بالصبر والجلد، وتحمل الأذى الذي تفنن فيه قومه من رجم وسب وقذف مدة 950 عام، وهو يدعوهم كل يوم ولا يتبعه إلا القليل.
القوم كانوا يعبدون الأصنام، ويصعب عليهم ترك تلك الملة، التي تساعدهم على ارتكاب المعصية والفاحشة دون عقاب، ولكن آلهتهم تلك لم تمنع الغرق عنهم ، وأهلكهم الطوفان.
اطلع على: دعاء سيدنا سليمان لجلب الرزق مكتوب كامل
قصة سفينة سيدنا نوح
بعد معرفة اسم الجبل الذي رست عليه سفينة نوح كانت العبرة من بناء السفينة، بأخذ من اتبع سيدنا نوح من قومه، ليكونوا نواة حياة جديدة، بعد انتهاء القوم الكافرين الذين لا أمل ن يعودوا إلى رشدهم ويتبعوا الحق، وهذه القصة ذكرت في الكتب السماوية وكتب السيرة، وكانت جميعها متوفقة من حيث السرد، كما يلي:
- أرسل سيدنا نوح عليه السلام إلى قوم جبارين أشاعوا الفساد في الأرض، وكانوا يسجدون لغير الله.
- وحينما يشتد كفر قوم ومعصيتهم يبعث الله لهم من ينذرهم بعذاب الله وعقابهم، ليهتدي من يهتدي ويحل العقاب على الظالمين.
- مكث سيدنا نوح يدعوا قومه لما يقارب الألف عام، لم يجد منهم سوى الأذى والإنكار، تابعوا عبادة الأوثان التي لا تنفع ولا تضر.
- بعد أن جزع النبي الكريم من قومه، ونفذ صبره، دعا إلى الله عز وجل بن يهلك الظالمين من القوم الذين يصمون آذانهم عن الدعوة.
- أوحى الله لنبيه أن يبني سفينة ضخمة، وبالفعل بدأ على الفور بتنفيذ الأمر الإلهي، مع من اتبعه وهم قلة قليلة.
- كان القوم يمرون يتغامزون ويضحكون، كيف سوء تسير تلك السفينة في رمال الصحراء، حيث لم يكن يحيط بالمكان بحار أو أنهار.
- لم يلتفت القوم المؤمنون إلى ما صدر من القوم الظالمين من استهتار، واستمروا في عملهم حتى قاربوا الانتهاء.
- حين ذلك أمر الله سيدنا نوح بأن يأخذ زوجين من كل نوع، ويصعد به إلى السفينة، ويدعوا من القوم من يتبعه للنجاة من عقاب أليم بات قريب.
- بعد أن انتقل جميع المؤمنون على السفينة مع أزواج الحيوانات والطيور وجميع الكائنات، حدث مالم يتوقعه الكافرون.
- تمطر السماء مطر غزير.
- تخرج من باطن الأرض مياه كثيفة في صورة لم تحدث من قبل، ولم تتكرر بعد.
- تبدأ السفينة في الارتفاع ، لينجو القوم الصالحون، بينما يغرق بقية القوم، الذين كان من ضمنهم ولد سيدنا نوح الذي ظن أن جبل الجودي سوف يعصمه من الماء ولن يصل إليه.
- يغرق الابن مع الجميع وتستقر السفينة على جبل الجودي، لتبدأ حياة جديدة.