الإسلام

ما هو حُكم الشرك في الألوهية

حُكم الشرك في الألوهية باعتبارها كبيرة تُخرج صاحبها عن الإسلام، يُعتبر التوحيد هو العلم المُرتبط بقبول الحقيقة الخاصة بوحدانية الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلي الإقرار بعظمته وكونه يستحق العبادة، مع العلم أن للتوحيد ثلاث أنواع، وهي: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية.

وكذلك توحيد الأسماء والصفات، ولكُل من هذه الأنواع دلالته الخاصة، وعلى الرغم من اختلاف تلك الدلالة إلا أنه من يتجرأ على الشرك بواحدة من هذه الأنواع وخاصة شرك الألوهية فقد خرج من رحمة الله.

دعاء غير الله شرك في الألوهية

إن الشرك بالله يقتضي ايمان الشخص بوجود شريك مع الله يستحق العبادة، وهو من الكبائر المنبوذة في تشريعات ديننا الإسلامي القيّم، والتي توعّد الله بالنار الحميمة والعذاب الأليم لكل من يقوم به لكونه تعالى قام بالتحذير منها في كتابه الكريم.

يندرج تحت هذا النوع من الشرك أحكام عظيمة في الدنيا والآخرة، ومنا انتفاء الأخوة، وانتفاء الولاء، وعدم جواز النكاح، بالإضافة إلي عدم التمكُن من الإرث.

حيثُ أن المُسلم لا يجوز له أن يرث الكافر والعكس، وغيرها الكثير من الأحكام، ويُمكننا من خلال السطور القادمة توضيح الحُكم الصريح بشأن هذا النوع من الشرك:

إن الشرك في الألوهية يُخرج صاحبه عن الإسلام، بالإضافة إلي عدم استحقاقه أي حقوق ينالها المُسلم في الدُنيا، ولقد تم تضمين هذا الحُكم في قوله تعالى في كتابه الكريم، حيثُ قال:

” قُل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهُم شركٌ في السماوات”. سورة الأحقاف الآية رقم 4

لا يفوتك أيضًا: ما هو سبب الجاثوم في الإسلام؟

أقسام الشرك في الألوهية

في سياق حديثنا حول حُكم الشرك في الألوهية يجدُر بنا التنبيه على أن هذا الشرك ينقسم إلي قسمين يُمكن التحدُث عنهم بشيء من التفصيل كما يأتي:

  • الشرك الأكبر، والمُسمى بالشرك الظاهر، والذي قُمنا بالحديث عنه في السطور السابقة، مع توضيح الأحكام الشرعية التي تنتُج عنه.
  • الشرك الأصغر، و يُعتبر طريقًا مؤديًا إلي الشرك الأكبر في حال عدم اعتدال الإنسان وسيرهُ في طريق مُستقيم صحيح، وحُكم هذا النوع هو العصيان.

يتمثل الفرق بين القسمين في البعض من الجهات، وهي:

  • الجهة الأولى، تتمثل في كون المُشرك شركًا أكبر غير مُسلم، وذلك على العكس من المُشرك شركًا أصغر فهو مُسلم.
  • الجهة الثانية، تتمثل في تطبيق كافة أحكام الإسلام على المُشرك شركًا أصغر، وعلى العكس من ذلك فلا يتم تطبيقها على المُشرك شركًا أكبر.
  • الجهة الثالثة، تتمثل في عدم دخول المُشرك شركًا أكبر إلي الجنة، بالإضافة إلي كونه مُخلّدًا في النار وجحيمها، وعلى العكس من ذلك فإن المُشرك شركًا أصغر حتى وإن عُذب في النار لبعض الوقت، فإن مصيره في النهاية سيكون التلذُذ بالجنة ونعيمها.

الأسباب الداعية إلي الخوف من الشرك بالله

استكمالًا لحديثنا حول حُكم الشرك في الألوهية، يقتضي بنا التطرُق إلي الأسباب الداعية إلي الخوف من الشرك، ويُمكن توضيحها من خلال ما يأتي:

من بين الأسباب قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “إن الله لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء”. سورة النساء الآية (48)

تُشير الآية الكريمة إلي أنه من كان مُشركًا ومات على شركه ولم يتمكن من التوبة فإن الله سبحانه وتعالى لن يغفر له، وسيجعله مُخلّداً في النار وأشد العذاب، في حين أن الذنوب التي هي أقل من الشرك، فهمي تقع تحت مشيئة الله عزّ وجل، إن شاء غفر لصاحبها ورحمه من النار ولهيبها، وإن شاء عذّبه ولن يوجد ما يمنعه عن فعل ذلك، حتى وإن كان مصيره في النهاية إلي الجنة.

من بين الأسباب أيضًا الحديث الشريف الذي ينُص على قول رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-: “أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسُئل عنه، فقال الرياء”،

ويُشير هذا الحديث إلي ضرورة الخوف من الشرك حتى وإن كان شركًا أصغر، وذلك وفقًا لِمَا جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: “لئن أحلف بالله كاذبًا خير لي من أن أحلف بغيره صادقًا”.

هو يعني بذلك كون الشرك الأصغر أقوى عند الله سبحانه وتعالى من عظائم الأمور وأكبرها، بالإضافة إلي اشتمال الحديث على دليل خاص بكون الشرك الأصغر دلالة متواجدة في حديث النبي صلوات الله والسلام عليه، وأن الاستشهاد بكلمة (الأصغر) في التعبير عن الشرك هي مسألة موجودة في كلام النبي وليست مُجرد كونها مسألة اجتهادية.

من الأسباب أيضًا قول ابن مسعود رضي الله عنه أن الرسول –صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار”، وما قيل على لسان مُسلم عن جابر رضي الله عنه أن الرسول-صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من لقى الله لا يُشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يُشرك به شيئًا دخل النار”.

في هذين الحديثين تأكيد على انقسام الناس إلي نوعين: نوع مُسلم حتى مع وقوعه في أي من الأعمال التي تؤدي به إلي الشرك الأصغر، فإن نهايته المحتومة ستكون في الجنة ونعيمها، والنوع الآخر هو الذي سوف يُمنع من دخول الجنة مُطلقًا، وهو المُشرك شركًا أكبر.

جميع هذه النصوص النبوبة الشريفة والآيات القُرآنية تُشير إلي التخويف من الشرك وتوخي الحذر منه، حتى مع نشأة الإنسان في بيئة إسلامية.

لا يفوتك أيضًا: حُكم الاحتفال باليوم الوطني هيئة كبار العُلماء

ضوابط الشرك الأكبر والأصغر

يوجد هُناك ضوابط يُمكن من خلالها التمييز بين الشرك الأكبر والأصغر، ويُمكننا تفصيل هذه الضوابط من خلال حديثنا عن حُكم الشرك في الألوهية، وذلك على النحو التالي:

  • الشرك الأكبر، كما ذكرنا من قبل عبارة عن صرف العديد من الأمور الخاصة بالله تعالى إلي غيره ومن ضمنها العبادة التي تعني الخضوع مع المحبة للمعبود، والمعروف بشرك الألوهية، والذي يقوم بدوره في إخراج من يجرُأ على القيام من الدين الإسلامي، فلا يُعد من المُسلمين في شيء.
  • أمّا بالنسبة للشرك الأصغر فإن له ضابطان، الأول يتمثل في كل ما تم إثباته بنص شرعي على أنه شرك، ولكن في الوقت ذاته قامت الدلائل بالتأكيد على كونه غير مُخرج من الملة، فكان هنا خلاف بين مجموعة من النصوص الشرعية في هذا الشأن.

أمًا الضابط الآخر يتمثل في كون الشرك الأصغر عبارة عن كل قول أو عمل ليس من أمور العبادة في شيء، ولكن يُمكن أن يدعو صاحبه إلي الوصول للشرك الأكبر (الشرك في الألوهية)، وذلك مثل الغلو، حيثُ أن الغلو في حد ذاته ليس من الشرك لإمكان تعظيم النبي تعظيمًا شركيًا مع التعظيم الغير شركي.

عندما يقول الشخص اللهم إني أتوسل إليك بجاه محمد –صلّى الله عليه وسلًم-، فإن هذا يُعتبر من الغلو والبدع، وليس من السُنة على الإطلاق.

في نهاية حديثنا عن حُكم الشرك في الألوهية ينبغي العلم بحال من جعلوا لله نِدًا وأصبحوا من المُشركين، فتراهم يوم القيامة نادمين يدعون الله ليغفر لهم وقد جمعهم الجحيم، ويستمروا في ترديد: ” تالله إنا كُنا لفي ضلال مُبين”. سورة الشعراء الآية (97)

زر الذهاب إلى الأعلى